السبت، 5 مارس 2011

العمق الاستراتيجي المصري

تأثرت كثيراً بالطرح الاستراتيجي للسياسة الدولية التركية للأستاذ أحمد داوود أوغلو و الذي وضح أن التأثير القوي لتركيا يأتي من تصورها كدولة مركزية لها أعماق استراتيجية متعددة و ليس النظر لها على أنها جسر بين الشرق و الغرب و هذا التصور يقتضي كما يقول التطبيع مع التاريخ و التطبيع مع الجغرافيا ، فالعمق الاستراتيجي التاريخي يجعل تركيا في علاقات قوية استراتيجية مع العرب و التطبيع مع الجغرفيا يجعل لتركيا عمقاً استراتيجياً مع الغرب.


دفعني هذا إلى التفكير في الوضع الدولي المثالي لمصر إذا أعدنا ترتيب أوراقنا و وضعنا تصور دولي جديد يتغلب على سياسة القطب الواحد المسيطرة و يؤدي إلى وقف الزحف السرطاني للعولمة و إنشاء نظام عالمي جديد يقوم على العدل بدلا من الصهيونية و على مراعاة الفروق الحضارية بين الدول بدلاً من محاولة فرض النموذج الحضاري الأمريكي على الجميع و يقوم على فكرة حوار الحضارات المختلفة بدلا من تصارعها


و لكي تستعيد مصر دورها الدولي المنشود ينبغي أن تتحرك لتستفيد من الأعماق الآتية


العمق الإسلامي

تنمية الروابط بالدول الإسلامية جمعاء عن طريق مساعدة و دعم الأزهر الشريف و دعم استقلاليته و تبني مشروعات تطويره داخلياً و تبني فتح جامعات للأزهر في الدول الإسلامية المختلفة و إنشاء منتدى اقتصادي للدول الإسلامية و الانفتاح على ماليزيا و تركيا و إيران و بقية الدول الإسلامية ثقافياً ، و الاستفادة من المواقع التاريخية في مصر و المتعلقة بالحقبة الإسلامية لتنشيط السياحة و لجذب الدول الإسلامية للسياحة داخل مصر و التعاون و الانفتاح الثقافي مع هذه الدول و نشر اللغة العربية و مدارس القرآن و المدارس الإسلامية باللغة العربية في هذه الدول و تعاون اقتصادي أيضاً لجذب استثماراتهم داخل مصر


العمق العربي

الاستفادة من الروابط العربية اللغوية و الثقافية و تقويتها دون التشدد في قومية متعصبة أو الاكتفاء بالقومية العربية كهوية بل نسبتها للهوية الإسلامية أي عدم نفيها و لكن وضعها تحت عباءة الانتماء الإسلامي


العمق الأفريقي

تقوية العلاقات الاقتصادية مع الدول الأفريقية و الاستفادة من الموارد الأفريقية و إقامة مشروعات اقتصادية و تبني رؤية نهضة للاتحاد الأفريقي تؤسس لحقبة أفريقية جديدة مع الاستفادة أيضاً من دور الأزهر في نشر الإسلام في الدول الأفريقية


التحالف المصري التركي الإيراني

مصر بعمقها الأفريقي و العربي القوي ، و تركيا بعمقها الأوروبي القوي و إيران بعمقها الآسيوي القوي ، هؤلاء الثلاثة (دول متشابهة جداً من حيث عدد السكان و الديانة و المساحة و كل دولة تطل على بحرين و كل دولة تقبض على مضيق مائي ذي بعد استراتيجي)* و هذا يؤهلهم إلى التحالف القوي و الاستفادة من العلاقات القديمة و تقويتها ، و الثلاثة باستطاعتهم إذا تحالفوا بقوة أن يؤسسوا فعلاً لشرق أوسط جديد و يقلبوا موازين القوى الدولية ، و يقفوا بقوة في مواجهة المشروع الصهيوني ، و إذا تبدت حرب في الأفق مع الكيان الصهيوني فإن تحالف الثلاث قوى سيؤدي إلى قوة ردع قوية و يمكنهم رسم خريطة منطقة جديدة


ضرورة التعاون مع الصين

الصين كقوة عظمى منتظرة تمثل نوعاً من التحدي للنموذج الحضاري الغربي و لذلك فالتعاون معها يجب أن يكون قوياً و من منطلق تصور جديد للعالم قائم على تعدد الحضارات و الحوار بينها بدلاً من العولمة الأمريكية


-----

* من كتاب "أسرار نجاح التجربة التركية" للدكتور أحمد يحيى مطر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق